سورة مريم - تفسير تفسير البغوي

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
تفسير السورة  
الصفحة الرئيسية > القرآن الكريم > تفسير السورة   (مريم)


        


{إِلا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ شَيْئًا}. {جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدَ الرَّحْمَنُ عِبَادَهُ بِالْغَيْبِ} ولم يروها {إِنَّهُ كَانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا} يعني: آتيا مفعول بمعنى فاعل.
وقيل: لم يقل آتيا لأن كل من أتاك فقد أتيته والعرب لا تفرق بين قول القائل: أتت علي خمسون سنة وبين قوله: أتيت على خمسين سنة ويقول: وصل إلي الخير ووصلت إلى الخير.
وقال ابن جرير: {وعده} أي: موعده وهو الجنة {مأتيا} يأتيه أولياؤه أهل الجنة وأهل طاعته. {لا يَسْمَعُونَ فِيهَا} في الجنة {لَغْوًا} باطلا وفحشا وفضولا من الكلام.
وقال مقاتل: هو اليمين الكاذبة.
{إِلا سَلامًا} استثناء من غير جنسه يعني: بل يسمعون فيها سلاما أي: قولا يسلمون منه {والسلام} اسم جامع للخير لأنه يتضمن السلامة.
معناه: إن أهل الجنة لا يسمعون ما يؤثمهم إنما يسمعون ما يسلمهم.
وقيل: هو تسليم بعضهم على بعض وتسليم الملائكة عليهم.
وقيل: هو تسليم الله عليهم.
{وَلَهُمْ رِزْقُهُمْ فِيهَا بُكْرَةً وَعَشِيًّا} قال أهل التفسير: ليس في الجنة ليل يعرف به البكرة والعشي بل هم في نور أبدا ولكنهم يأتون بأرزاقهم على مقدار طرفي النهار.
وقيل: إنهم يعرفون وقت النهار برفع الحجب ووقت الليل بإرخاء الحجب.
وقيل: المراد منه رفاهية العيش وسعة الرزق من غير تضييق.
وكان الحسن البصري يقول: كانت العرب لا تعرف من العيش أفضل من الرزق بالبكرة والعشي فوصف الله عز وجل جنته بذلك.


{تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا} أي: نعطي وننزل. وقيل: يورث عباده المؤمنين المساكن التي كانت لأهل النار لو آمنوا {مَنْ كَانَ تَقِيًّا} أي: المتقين من عباده. قوله عز وجل: {وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ} أخبرنا عبد الواحد المليحي أخبرنا أحمد بن عبد الله النعيمي أخبرنا محمد بن يوسف أخبرنا محمد بن إسماعيل أخبرنا خلاد بن يحيى أخبرنا عمر بن ذر قال: سمعت أبي يحدث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يا جبريل ما يمنعك أن تزورنا» فنزلت: {وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا} الآية. قال: كان هذا الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم.
وقال عكرمة والضحاك وقتادة ومقاتل والكلبي: احتبس جبريل عن النبي صلى الله عليه وسلم حين سأله قومه عن أصحاب الكهف وذي القرنين والروح فقال: أخبركم غدا ولم يقل: إن شاء الله حتى شق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم ثم نزل بعد أيام فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أبطأت علي حتى ساء ظني واشتقت إليك» فقال له جبريل: إني كنت أشوق ولكني عبد مأمور إذا بعثت نزلت وإذا حبست احتبست فأنزل الله: {وَمَا نَتَنزلُ إِلا بِأَمْرِ رَبِّكَ} وانزل: {والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى}.
{لَهُ مَا بَيْنَ أَيْدِينَا وَمَا خَلْفَنَا وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} أي: له علم ما بين أيدينا. واختلفوا فيه: فقال سعيد بن جبير وقتادة ومقاتل: {مَا بَيْنَ أَيْدِينَا} من أمر الآخرة والثواب والعقاب {وَمَا خَلْفَنَا} ما مضى من الدنيا {وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} ما يكون من هذا الوقت إلى قيام الساعة.
وقيل {مَا بَيْنَ أَيْدِينَا} ما بقي من الدنيا {وَمَا خَلْفَنَا} ما مضى منها {وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} أي: ما بين النفختين وبينهما أربعون سنة.
وقيل: {مَا بَيْنَ أَيْدِينَا} ما بقي من الدنيا {وَمَا خَلْفَنَا} ما مضى منها {وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} مدة حياتنا.
وقيل: {مَا بَيْنَ أَيْدِينَا} بعد أن نموت {وَمَا خَلْفَنَا} قبل أن نخلق {وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} مدة الحياة.
وقيل: {مَا بَيْنَ أَيْدِينَا} الأرض إذا أردنا النزول إليها {وَمَا خَلْفَنَا} السماء إذا نزلنا منها {وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ} الهواء يريد: أن ذلك كله لله عز وجل فلا نقدر على شيء إلا بأمره. {وَمَا كَانَ رَبُّكَ نَسِيًّا} أي: ناسيا يقول: ما نسيك ربك أي: ما تركك والناسي التارك.


{رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا فَاعْبُدْهُ وَاصْطَبِرْ لِعِبَادَتِهِ} أي: اصبر على أمره ونهيه {هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا} قال ابن عباس رضي الله عنهما: مثلا.
وقال الكلبي: هل تعلم أحدا يسمى الله غيره؟

5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12